أصل الابتلاء في اللغة من «بلِيَ، يَبْلَى، بَلَىً... الثوب وبلاءً، إذا صار خَلِقاً، فهو، بالٍ، أي خَلِقٌ، رثٌّ».
والبلوى والبلوة والبليّة جمعها بلايا: المصيبة والغمّ؛ كأنّه يبلي الجسم. والابتلاء: الاختبار بها(1).
أمّا بلا يبلو (من باب نصر ينصر) فهو بمعنى الاختبار، ويكون في الخير والشر؛ قال تعالى: «وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً»(2).
وقيل: الابتلاء: هو الاختبار مع شدّة؛ لأنّ أهل اللغة يقولون: إنّ الزيادة في المباني تدلّ على زيادة في المعاني.
وقيل أيضاً: إنّ هناك علاقة بين البلى (من بلي يبلى) والبلاء (من بلا يبلو) لأنّ هناك ترابطاً في المعنى بين الكلمات التي تتألّف مصادرها من ذات الحروف، وإن كانت من أبواب مختلفة ولها معانٍ مختلفة.
ومن ثمّ فإنّه يمكن أن يكون هناك تناسب بين البلاء والبلى، فكأنّ الإنسان الذي يقع عليه البلاء يبلى جسمه، وقد تبلى نفسه أيضاً إن لم يصبر، ومن ثمّ فإنّ ضغط البلاء يجعله خلِقاً بالياً، فكما أنّ الثوب إذا استعمل باستمرار بلي، كذلك الإنسان الذي يعرّض للبلاء يبلى، إلاّ إذا كان مستعيناً بالله تعالى، فكثرة الضغط لا تثنيه ولا تبليه بل تزيده صلابة وقوّة، تماماً كالذهب كلّما تعرّض للنار إزداد جلاءً، بينما غيره يسودّ.
وهكذا هو حال الانسان إذا تعرّض للبلاء يُكشف عن معدنه، فإن كان غير مؤمن بالله بلى، وإن كان مؤمناً زاد إشراقاً.