الوالد باب من أبواب الجنة
حدد قرار وزير الداخلية رقم 1900/ المادة 15 الجرائم الموجبة للتوقيف والتي منها إيقاف المعتدي بالضرب على أحد الوالدين، عقوقاً بهما وتهاوناً بقدرهما. فبر الوالدين ذكره الحق بقوله: “وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلاّ الله وبالوالدين إحساناً”. وفي النساء: “واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً” والأنعام: “قُل تعالوا أتلُ ما حرّم ربّكم عليكم ألا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً”. يقول القرطبي: “ الإحسان إلى الوالدين برّهما وحفظهما وصيانتهما وامتثال أمرهما وترك السلطنة عليهما “. وفي المنار أحسنوا إلى الوالدين إحساناً تاماً لا تقصّروا في شيء منه ولا تدخروا وسعاً ولا تألو جهداً، وهذا يستلزم ترك الإساءة وإن صغرت فكيف بالعقوق وهو من أكبر الكبائر. يقول النيسابوري: إنما جعل الله الإحسان إلى الوالدين تالياً لعبادة الله. وفي هذا دليل قوي أن الإحسان لهما وبرّهما هو من أعظم القربات إلى الله، فلا بد أن نحرص عليها. إن شكر الله على نعمه يأتي في المرتبة الأولى وشكر الوالدين تالياً لقوله “أن اشكر لي ولوالديك” وهو مربوط بالآخرة ( إليّ المصيـر) حيث ينفع هذا الرصيد كادخار في الآخرة، فمن لم يشكر والديه لم يشكر الله. يُؤكّد هذا حديث رسول الله “رضا الله في رضا الوالدين وسخط الله في سخط الوالدين”. يقول ابن عباس: ما من مسلم له والدان مسلمان يصبح إليهما محتسباً إلاّ فتح الله له بابين يعني الجنة وإن كان واحداً فواحداً وإن غضب أحدهما لم يرض الله عنه حتى يرضى عنه، قِيل وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه “، وقال عليه السلام: “ ثلاث لا ينفع معهم عمل: الإشراك بالله وعقوق الوالدين والفراريومالزحف“. يقول الرازي (حملتـه أمـه ): أي صارت بقدرة الله سبب وجوده (وفصاله محرضو الاغرار من الشبان اقفلوا قلوبهم وعقولهم ولم يراعوا حرقة وعذاب الآباء والأمهات في عامين ) أي صارت بقدرة الله سبباً في بقائه. حتى دخوله الجنة مرتبط برضاهما، لقوله صلى الله عليه وسلم: “ رغم أنفه رغم أنفه رغم أنفه. قِيل من يا رسول الله، قال: من أدرك أبويه عند الكبر ولم يدخلاه الجنّة “.
ولأولئك المضلّلين الذين يزيّنون للشباب السفر للجهاد فيحرقون قلوباً هي أحوج ما تكون إلى الرحمة والرأفة، ألم يسمعوا بحديث رسول الله عندما استأذنه شاب في الجهاد فقال له: “ أحـيٌّ والداك، قال: نعم. قال: ففيهما جاهد “. وقال للذي اشتهى الجهاد: “ هل بقي أحد من والديك؟ قال: أمي، قال: فاتق الله فيها فإذا فعلت ذلك فأنت حاج ومعتمر ومجاهد وإذا دعتك أمك فاتق الله وبرّها “. وقال رسول الله: “ نومك على السرير برّاً بوالديك تضحكهما ويضحكانك أفضل من جهادك بالسيف في سبيل الله “ (البيهقي). ومرّ رجل على أصحاب رسول الله له جسم وعضلات، فقالوا لو كان هذا في سبيل الله فيجيب عنهم رسول المحبة “ لعله يكد على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، لعلّه يكد على صبية صغار فهو في سبيل الله، لعله يكد على نفسه فيغنيها فهو في سبيل الله، ومن لزم قدم والديه فإن الجنة عندها “, ولم يقل له في تفجير الغير وذلك لمن استشاره في أمر الجهاد، كما قدّم برّ الوالدين على الجهاد في سبيل الله لحديث ابن مسعود، (البخاري) (527).
فهل قرأتم ايها المحرضون على الارهاب أحاديث رسول المحبة والسلام أم على القلوب أقفالها، فزينتم لهؤلاء القتل والتدمير وتركتم قلوبا تعاني الحرقة والعذاب! وتأكيداً لفضلهما وأهمية برّهما يأمر رسول الله من أتى يبايعه قائلاً: جئت أبايعك وتركت أبوي يبكيان، فقال: “ ارجع أضحكهما كما أبكيتهما “، ويقول رسول الله: “ الوالد باب من أبواب الجنة أو أوسط أبواب الجنة “. وسمع رسول الله صوت حارثة بن النعمان يقرأ القرآن في الجنة فيقول: “ كذلكم البر كذلكم البر فقد كان أبر الناس بأمه”. ويأتيه رجل مذنب يقول هل من توبة، فيقول له الرسول: “ أما لك والدان؟، قال لا. قال: ألك خالة، قال نعم،قال:فبرّهـايغفرالهم ذنبـك “.
إن السبب الحقيقي لوجود الإنسان هو الله والسبب الظاهري هما الأبوان فأمر بتعظيم السبب الحقيقي ثم أتبعه بتعظيم السبب الظاهري، ويتجلى حق الأم وفضلها في من سأل رسول الله قائلاً: حملت أمي على عنقي فرسخين في رمضاء شديدة لو ألقيت فيها قطعة لحم لنضجت، فهل أديت شكرها، فقال: “ لعله أن يكون بطلقة واحدة (أي أن ما فعله لأمه قد يُعادل طلقة واحدة من طلقات ولادته) “، وتقول أسماء بنت أبي بكر قدمت علي أمي وهي مشركة فاستفتيت رسول الله هل أصل أمي، قال: “ نعم صِلي أمك “. وعلاقة الأبوة والأمومة ورضاء الوالدين لا تنتهي بمجرّد موتهما بل تستمر بالدعاء والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما بعدهما وإكرام اصدقائهما وصلة الرحم التي لا تُوصل إلاّ بهما. ويقول رسول الله: “ إذا أردت أن تتصدق صدقة فاجعلها عن أبويك فإنه يلحقهما ولا ينقص من أجرك شيء “. ومن آداب الإسلام في برّ الوالدين أن لا تمشي بين يدي أبيك ولكن امش خلفه أو إلى جانبه ولا تدع أحدا يحول بينك وبينه ولا تمش فوق أجارٍ أبوك تحته ولا تأكل عرقاً قد نظر إليه أبوك لعلّه قد اشتهاه. ويقول ابن عباس لا أعلم عملاً أقرب إلى الله من برّالوالدين. فاتقوا الله في آبائكم وبرّوهم حتى تبرّكم أبناؤكم، فكما تدين تدان.
فاكس/ 6975040
منقول